خ المافيا محشود بالأسماء.. فمنهم " كورليوني " أكبر زعماء المافيا على الإطلاق، وأكثرهم دموية في تاريخ المنظمة، فقد قام عام 1938 بالتخطيط لاغتيال جميع زعماء المافيا، وأتم ذلك بنجاح في يوم واحد، وتربع بعدها على عرش المافيا الإيطالية. ومن هنا إستوحي ماريو بوذو ثلاثيته الشهيرة الأب الروحي TheGodfather.
ولتصفية زعماء المافيا بعضهم بعضاً سجل طويل، فقد اغتيل زعيم المافيا " سلفادور مارانزانو " على يد زعيم آخر هو "لاكي لوتشيانو". ولا يخلو تاريخهم أيضا من النساء فقد ساهمت "نينيتا باغريلا" زوجة أحد زعماء المافيا في التخطيط لأكثر العمليات دموية وفظاعة ووحشية في تاريخ المافيا ومن بين الأسماء أيضا "آل كابوني" أو (آل ذو الندبة) وهو الأشهر بين زعماء المافيا حتى الآن. بطبيعة الحال يستحيل أن نتحدث عن كل الأسماء في تاريخ المافيا.. لذلك اخترنا نموذج من زعماء المافيا للحديث عنه بالتفصيل هو .. " آل كابوني ".
"آل كابوني"..
http://al-rshed.com/vb/imgcache/2702.imgcache.jpgألفونس كابوني " (1899 - 1947) أو "آل كابوني" أو "آل ذو الندبة"، قاتل لا يرحم، خلّدته عبارته المفضلة: ( بالمسدس تحل كل المشاكل).. هذا هو "آل كابوني" في بداية رحلته مع الجريمة وحتى سن السادسة والعشرين. فعند هذه السن بدأ "كابوني" يتغير تماماً من قاتل طائش بلا عقل إلى زعيم حازم شديد الدهاء يرأس منظمة خطيرة للجريمة بشيكاغو، بل يمكن القول بأن كل شيكاغو بأموالها وثرواتها كانت ملكاً له في ذلك الوقت]
ولد " كابوني " في سنة 1899 في بروكلين بالولايات المتحدة، وهو الابن الرابع ضمن تسعة أبناء لأب وأم إيطاليين، هاجرا للولايات المتحدة من مدينة نابولي بإيطاليا. التحق " كابوني " بالمدارس الأمريكية، وواصل تعليمه حتى الصف السادس، حيث تم فصله من الدراسة أثناء هذه السنة لشغبه المتكرر، واعتدائه بالضرب على مدرسيه
وفي أثناء هذه السنة أيضاً بدأ "كابوني" رحلته مع الإجرام، وتعلم من خلال الشارع، فنون السرقة والسطو على المحلات، خاصة بعد أن انضم لعصابة من المراهقين المنحرفين بقيادة أحد المجرمين القدامى ويدعى " جوني توريو " ، وهى صورة مصغرة لعصابة (الخمس نقط) الشهيرة في ذلك الوقت والتي تخرج منها " كابوني " بعد ذلك
وكان أقرب أصدقاء " كابوني " سواء أثناء الدراسة أو من خلال العصابة هو هذا الشاب نحيف الجسم الذي أصبح بعد ذلك من أخطر المجرمين، وهو " لاكي لوتشيانو " الشاب الإيطالي الأصل ، الذي جمعت بينه وبين " كابوني " صداقة حميمة امتدت حتى نهاية العمر
في سنة 1919، بدأت الشبهات تحيط بـ" كابوني " في إحدى جرائم القتل ، مما جعله ينتقل للعمل بشيكاغو ، وهناك تقابل مع "جوني توريو"، الذي قد سافر أيضا إلى هناك للعمل مع عمه " بيج جيم كولوزيمو " زعيم شبكة الدعارة بشيكاغو ، والذي أغرى " كابوني " و" توريو " بثرواته الطائلة ، وقد حاول " توريو " إقناع عمه بتوجيه نشاط المنظمة إلى أعمال السطو والسلب التي يعشقها. ولكن " كولوزيمو " لم يبدِ ارتياحاً لهذه الفكرة، وهنا أدرك " توريو " ضرورة التخلص من " كولوزيمو "، حتى يستطيع استخدام أفراده في المنظمة للعمل معه في مجال الاجرام، وبدأ " توريو " يخطط مع " كابوني " لقتل " كولوزيمو "، فقاما باستدعاء أحد القتلة المهرة من نيويورك وهو " فرانكي يل " للقيام بهذه المهمة ، وتمكن
فعلاً من الانفراد بكولوزيمو وذبحه
كان من أهم جرائم القتل التي قاما بها الاثنان معاً هي قتل " ديون أبانيون " في سنة 1924 ، وهو الرأس الكبير لأكبر عصابة أيرلندية في شمال البلاد، وقد أدى مقتل الزعيم الأيرلندي إلى نشوب حرب عنيفة استمرت لعدة سنوات بين رجال الزعيم الأيرلندي وبين " كابوني " و" توريو ".
[وكنتيجة للحرب التي نشبت بين رجال الزعيم الأيرلندي وبين " كابوني " و" توريو " أصيب " توريو " بالفعل بطلقة نارية في أحد الأكمنة، وأوشك على الموت، إلا أنه نجا من ذلك ، وعندما غادر المستشفى في فبراير 1925 ، كان قد قرر اعتزال العمل في المنظمة ، والسفر الى بلدته بروكلين ليعيش هناك بما جمع من أموال وتاركاً لكابوني وحده زعامة المنظمة وملايين الدولارات ، ووجد " كابوني " نفسه بعد رحيل " توريو " إلى بروكلين مسئولاً عن إدارة وتنظيم المنظمة بمفرده ، وهو لم يتعد السادسة والعشرين ، فقد أصبح الآن زعيماً لأكثر من ألف مجرم من جنسيات مختلفة وبعقول مختلفة ، ويوزع عليهم مهام العمل ، ويصرف لهم الرواتب ، من خلال قائمة طويلة للأجور بلغت ميزانيتها حوالي 300.000 $ في الأسبوع !!!!
ومن هنا بدأت شخصية " كابوني " تتغير تدريجياً من قاتل بلا عقل إلى قاتل مخادع ماكر ، فكان دائماً يبدي الاحترام للجميع ممن يعملون معه ، سواء الكبير أو الصغير ولم يحاول أبداً التصدي لأحد بسبب ديانته أو جنسيته ، ولكنه كان يلجأ أحياناً إلى المسدس لتصفية بعض الأمور......حينما تفشل الحيل
مذبحة عيد الحب
في فبراير 1929 ، كان " آل كابوني " في فلوريدا عندما أعطى الأمر باغتيال " جورج موران " ، قضت خطة العمل باستدراج " موران " إلى كاراج في شيكاغو بحجة بيعه كمية من الويسكي بسعر منخفض ، وفي صباح 14 شباط وهو اليوم المحدد للعملية ، وصل " موران " متأخراً إلى المكان المتفق عليه ليلحظ عن بعد رجلي شرطة وتحريين يتجهون نحو باب الكاراج فهرب في الحال واختفى عن الأنظار والواقع أن هؤلاء الرجال لم يكونوا سوى رجال " كابوني " متنكرين بزي الشرطة وقد دخلوا الكاراج ظناً منهم أن " موران " قد سبقهم إليه فأفرغوا رصاصات مسدساتهم في رأس سبعة من رجاله لاعتقادهم بأنه واحد منهم ، وبعد انتشار الخبر ذعر الشعب الأمريكي لهول الجريمة (آنذاك) وطالبوا بإدانة " آل كابوني " ، إلا أن ذلك لم يحدث كونه قدم للشرطة حجة غياب مقنعة. أطلقت الصحافة على هذه المذبحة مذبحة عيد الحب لتصادفها مع تاريخ 14 فبراي]
وبالرغم من شعبية "كابوني" الا أنه كان مهدداً بالقتل سواء من أعدائه أو منافسيه. فكثيراً ما تعرض لطلقات الرصاص، ولتناول طعام مسمم في إحدى المرات. لذلك كان يظهر دائماً بصحبة حارسه الخاص الذي كان يرافقه في جميع خطواته ويرحل معه أينما يذهب
وكان من المتربصين بـ" كابوني " رجال " أبانيون " ، الذي قام "كابوني" بقتله في الماضي والسطو على أمواله ، ففي سنة 1926 أطلق بعض رجال أبانيون الرصاص على كابوني في مطعم أحد الفنادق الا أن حارسه الخاص تنبه لهم في الحظات الأخيرة واستطاع أن يدفع بكابوني تحت المائدة ويرتمي فوقه لينجو كابوني وحارسه من الموت بأعجوبة ، ومع الوقت استطاع كابوني التخلص من أعدائه واحداً بعد الأخر على الأخص من رجال أبانيون
وكان من اشهر جرائم القتل التي قام بها كابوني بنفسه هي عندما غدر به اثنان من رجاله هما جون سكاليز والبرت انسيلمى حيث حاول الاثنان العمل لحسابهما ودبرا أيضاُ لقتل كابوني بالاشتراك مع بعض أعدائه . فدعا كابوني جون والبرت لتناول العشاء وفي منتصف الليل اخرج كابوني من سترته نبوت هندي ملفوف بقطعة من الحرير كهديه لهما وأطاح به برأس الاثنين
وقع هذا الحادث في سنة 1929 وهي السنة الحرجة في حياة " كابوني " فقبل هذا الحادث بفترة قصيرة ارتكب كابوني خطأ كبيراً كان السبب في الاطاحة به عندما حاول قتل بوجز موران آخر قائد جماعة أبانيون الأيرلندية حيث قامت مجموعة من رجال كابوني بعد أن تنكروا في زي ضباط شرطة بالتربص بموران لحظة خروجه من أحد الفنادق لاطلاق النار عليه ولكن لم يتم اطلاق النار في الوقت المناسب وتكررت المحاولة بصورة عشوائية مما أدى الى قتل عدد كبير من المواطنين الأبرياء الذين لم يتوقعوا إطلاق الرصاص عليهم من رجال الشرطة
[]وعلى الرغم من ذلك نجا " موران " من هذا الحادث وقد اثارت هذه المذبحة حملة كبيرة على كابوني ورجاله بل أن حكومة واشنطن أبدت استياءها الشديد لهذا الحادث ورأت ضرورة التخلص من كابوني ولكن لم تستطيع السلطات ادانة كابوني لكنها نجحت في اثبات تهربه من الضرائب حتى تتخلص منه بأي شكل وبالفعل حكم على كابوني باحدى عشر سنة سجناً وتم ترحيله الى السجن الفيدرالي بولاية أتلانتا
وفي السنوات الأخيرة من السجن تدهورت صحة " كابوني " إلى أن تم الإفراج عنه في سنة 1934. فخرج من السجن مريضاً وحيداً بلا مساعدة وسافر كابوني مع بعض أفراد عائلته الى منزل له بولاية فلوريدا حيث عاش هناك لمدة تسع سنوات بين فترات متقطعة من العتة والمرض الشديد وفترات من الوعي والادراك وقد ظل رفاقه القدامى من المافيا يزورونه بفلوريدا من وقت لآخر الا أنه بالتأكيد كان بعيداً تماماً خلال هذه الفترة عن ممارسة اي نشاط اجرامي
[ورحل كابوني في 25 يناير سنة 1947 ليسدل الستار على مسرح من اكبر مسارح الجريمة التي شهدتها الولايات المتحدة
]ومن الجدير بالذكر أن هوليود أنتجت أكثر من فيلم يصور السيرة الذاتية لـ آل كابوني إلا أن the untouchables والذي أنتج في 1987 يعد من أفضل الأفلام التي تناولت القصة الحقيقية لزعيم المافيا وقد قام ببطولة الفيلم عمالقة هوليود ( كيفين كوستنر - شين كونري - أندي جارسيا - تشارليز مارتين سميث ) 9]بالإضافة إلي الأسطورة روبرتو دي نيرو الذي نجح في تقمص شخصية آل كابوني إلي درجة رهيبة. وقد حاز الفيلم علي أوسكار أفضل ممثل مساعد ( شين كونري ) بالإضافة إلي حصوله علي أكبر إيرادات في عام 1988
تحياتي
المافيا